ما هو الكوليسترول ؟
يعد الكوليسترول من الدهون، ولكن تركيبه مختلف تماماً عن الدهون الثلاثية و الدهون الفسفورية المكونة لجدران الخلايا، فهو عبارة عن أربع حلقات من الكربون المتلاصقة معاً، تؤدي دوراً أساسياً في جسم الأنسان و الحيوان. و من المهام التي يقوم بها الكُوليسترول :
- ينظم استقرار جدران الخلايا
- تصنيع فيتامين د
- دعم صحة خلايا الدماغ التي تحتوي على أعلى تركيز للكوليسترول
- تصنيع الهرمونات الجنسية مثل التستوستيرون و الاستروجين
- تصنيع هرمون الكورتيزول
- تصنيع الأنزيمات الهضمية مثل صفراء المرارة
- تصنيع هرمون (COQ10) الأساسي لعضلة القلب
أماكن تصنيع الكوليسترول في الجسم
يقوم الكبد بتصنيع 80% من احتياجك اليومي من الكوليسترول ، بينما 20% يتم الحصول عليه من خلال طعامك اليومي. في حال قل استهلاكك من الكُوليسترول ، يقوم الكبد بزيادة تصنيعه لهذه المادة الحيوية الضرورية لتقليل الالتهابات في الجسم.
بالتالي، مهما تغيرت نسبة الكوليسترول المتناولة لا تؤثر على نسبة الكُوليسترول الموجودة في الجسم.
نسبة الكوليسترول عند الأطفال
يكون الكوليسترول عند الطفل الرضيع في عمر السنة ضعف الكمية الموجودة بجسم الجنين أو الطفل حديث الولادة، حيث الطفل في عمر 12 سنة، يمتلك 30% أكثر من الطفل في عمر السنة.
احتياج الجسم من الكوليسترول
يحتاج الجسم إلى 3000ملغم يومياً من الكُوليسترول ، حيث يتم تصنيع ما بين (2000-3000)ملغم يومياً من الكُوليسترول في الكبد. حيث توصي منظمة الصحة العالمية بعدم تجاوز حصة الأصحاء من الكُوليسترول يومياً عن 300ملغم من الكُوليسترول، بينما مرضى القلب و السكري فيجب أن تكون أقل من 200ملغم يومياً. وهذا أمر صعب، بل مستحيل ،و ذلك لأحتواء الطعام على كميات عالية من الكُوليسترول، موضحاً نسب الكوليسترول بالأطعمة:
- تحتوي البيضة الواحدة على 210ملغم من الكوليسترول
- قطعة 100غم من اللحوم الحمراء تحتوي على 100ملغم من الكوليسترول
- فخذ الدجاج يحتوي على 110ملغم من الكوليسترول
- 100غم من الكبدة يحتوي على 400ملغم من الكوليسترول
- 100غم من دماغ الخاروف يحتوي على 2000ملغم من الكوليسترول
أسباب ارتفاع الكوليسترول
الأطعمة الغنية بأنواع معينة من الدهون ، وبعض الحالات الطبية ، وعوامل أخرى يمكن أن تسبب ارتفاع نسبة الكُوليسترول في الدم ، ومن المصادر التي تسبب ارتفاع الكوليسترول:
1. الغذاء
من المعروف أن نوعين من الدهون يزيدان من مستويات الكوليسترول، وهم:
- الدهون المشبعة: يمكن للدهون المشبعة أن تزيد من مستويات الكوليسترول الضار. تحتوي بعض الأطعمة النباتية ، مثل زيت النخيل وزيت جوز الهند ، على الدهون المشبعة. كما أن الدهون المشبعة توجد في الغالب في المنتجات الغذائية الحيوانية مثل: الجبنة، حليب، زبدة و شرائح اللحم.
- الدهون المتحولة: تعتبر الدهون المتحولة ، أو الأحماض الدهنية غير المشبعة ، أسوأ من الدهون المشبعة لأنها يمكن أن ترفع مستويات LDL وتخفض مستويات HDL لديك. توجد بعض الدهون المتحولة بشكل طبيعي في المنتجات الحيوانية. بينما يوجد البعض الآخر في الأطعمة المصنعة التي خضعت لعملية تسمى الهدرجة ، مثل بعض أنواع المارجرين ورقائق البطاطس.
2. حالات طبية
يمكن أن تؤثر بعض الحالات الطبية على مستويات الكُوليسترول لديك.ومن هذه الأمراض :
- داء السكري
- قصور الغدة الدرقية
- متلازمة الأيض
- متلازمة كوشينغ
- متلازمة تكيس المبايض
- أمراض الكلى
3. أسباب أخرى
تشمل الأسباب الأخرى لارتفاع مستويات الكُوليسترول في الدم ما يلي:
- عدم ممارسة الرياضة: يمكن أن يؤدي عدم ممارسة الرياضة بشكل كافٍ إلى زيادة مستويات LDL لديك.ليس ذلك فحسب ، فقد ثبت أن التمارين الرياضية تعزز مستويات HDL الصحية لديك.
- التدخين: يمكن أن يؤدي التدخين أيضًا إلى زيادة الكوليسترول السيئ ، مما يؤدي إلى تراكم الترسبات في الشرايين.
- علم الوراثة: إذا استمر ارتفاع الكوليسترول في عائلتك ، فأنت في خطر متزايد للإصابة بارتفاع الكوليسترول بنفسك.
- الأدوية: يمكن لبعض الأدوية ، مثل بعض أنواع مدرات البول ، أن تزيد من مستويات الكوليسترول في الدم.
كذبة الكوليسترول
بدأت كذبة الكُوليسترول، فقتلت الرئيس، فالحاشية، ثم انتقلت إلى المجتمع، وصدرت إلى العالم بأسره. سنتحدث عن التاريخ السيء و الأدلة التي تثبت كذبة الكُوليسترول، وسنتعلم إن كان الكُوليسترول صحي للجسم أم هلاك له.
بدأت هذه القصة في عام 1955م، و تحديدا في الولايات المتحدة الأمريكية، في أروقة البيت الأبيض، حينما تعرض الرئيس الأمريكي الأسبق إيزن هور لجلطة قلبية، في ذلك الزمن لم تكن منتشرة أمراض القلب و الجلطات المرتبطة بالسمنة كما هو في زماننا هذا، كما أن مهنة طب الأوعية الدموية و أمراض القلب لم تكن منتشرة و معروفة في ذلك الوقت.
هذا الحادث أيقظ وعي المجتمع الأمريكي على أهمية تأثير الطعام في المجتمعات على الأمراض القلبية، و تأثيراتها الإمراضية بشكل عام، مما دفعهم الى ضرورة فهم سبب الموت المفاجئ الناتج عن الجلطات القلبية، و بالتالي ومن هنا بدأت الدراسات التي تربط بين نمط الحياة و تغذية المجتمعات و بين الأمراض .
في ذلك الوقت في عام 1955م كانت هناك ثلاث نظريات تسبب زيادة الجلطات القلبية و تصلب الشرايين في الولايات المتحدة:
- الأولى: كانت نظرية الدكتور أنسيل كي (ancel keys) الذي ادعى فيها أنّ السبب الحقيقي للجلطات القلبية هو تناول الدهون المشبعة.
- الثانية: تزايد استهلاك السجائر هو سبب الجلطات القلبية، و التي ازدادت بعد الحرب العالمية الثانية.
- الثالثة: زيادة الجلطات القلبية تزايدت مع تزايد استهلاك السكر و النشويات والتي أكدتها دراسات الدكتور جيرالد ريفين (gerald reaven) .
وحسب ما أثبتته الدراسات هو أن الشعب الأمريكي لم يزد استهلاكه من الدهون المشبعة، وإنما زاد استهلاكه من الزيوت النباتية غير المشبعة متعددة الروابط غير المشبعة (slio detarutasuyloP)، والدهون المهدرجة والمصنعة، وبالتحديد زيت الصويا والشورتنينغ (gininetrohs)، بالإضافة إلى زيادة استهلاك السكر و زيادة التدخين.
الشيء الوحيد الذي لم يتغير في غذائهم هو الدهون المشبعة، بينما الشيء الأساسي الذي تغير هو الجلطات القلبية، وهنا يطرح السؤال الآتي: من الرابح في هذه المرحلة، هل هو المنطق، أم العلاقات؟
نظرية الدكتور انسيل كي عام 1955م
كان لدى الدكتور أنسيل-كي قدرة كبيرة على الإقناع، والذي استطاع إقناع الوسط العلمي بوجهة نظره وآرائه، مما انعكس على التشريعات التي جرمت الدهون المشبعة واعتبارها المسبب للجلطات القلبية، ومن هنا بدأت أكبر كذبة وأكبر خطأ في تاريخ التغذية من شخص ليس طبيباً ولا حتى أخصائي تغذية، وإنما هو عالم بيولوجي.
قام الدكتور أنسيل-كي بإثبات نظريته من خلال التحايل والتلاعب بالنتائج، حيث قام بدراسة إحدى إحصائيات منظمة الصحة العالمية، والتي عملت على ربط الدهون والبروتينات بوفيات الجلطات القلبية، حيث عمل أنسيل-كي على دراسة علاقة تناول الدهون المشبعة بالجلطات القلبية والتي شملت 22 دولة، وكان من بين هذه الدول 16 دولة لا تتوافق مع نظريته، فاستثناها من الدراسة الخاصة به، واعتمد فقط على الدول التي تتوافق مع نظريته والتي كانت 6 دول.
حيث وضح في دراسته بأن الدول التي تستهلك كمية كبيرة من الدهون المشبعة، يوجد بها حالات جلطات كثيرة، كما أظهر أن الدول المعتمدة عل دهون مشبعة قليلة تكون فيها نسبة الوفيات بسبب الجلطات القلبية بها قليلة جداً. واستثنى من دراسته الدول التي تتناول الدهون المشبعة بشكل كبير لكن نسبة الأمراض القلبية والوفيات بسبب الجلطات فيها منخفض، وقام بتقديم هذه الدراسات بعد أن تلاعب بنتائجها، وقام بإخفاء معلومات مهمة كان من المفروض تقديمها في دراسته، حيث بدأت هذه الكذبة التي جرمت الكُوليسترول وجعلت منه خطراً مميتاً بدلاً من وسيلة لتشافي الأنسجة والأوعية الدموية والعضلات.
حيث أن عدد العينات الداخلة بالدراسة هي 12000 شخص و التي تعد نسبة قليلة جداً إلى عدد الدول الموجودة في الإحصاءات، حيث أن دراسته كانت مقتصرة على الرجال دون الإناث، لذا فهي مقتصرة على حالات معينة ومتجاهلة عدد أكبر وشريحة كبيرة (وهي الإناث) باعتبارهن متضررات ومعرضات للإصابة، ناهيك أن التكنولوجيا المستخدمة في الدراسة الإحصائية كانت يدوية، وكان هذا الشخص متحيز لفكرة معينة، مما أدى إلى التلاعب في الدراسات.
نظرية عام 2015
في دراسة مماثلة في سنة 2015م، وفي أوروبا تحديداً، حيث شملت هذه الدراسة 18دولة، و180ألف شخص شملت كلاً من الذكور والإناث، أظهرت هذه الدراسة أنه كلما زاد استهلاك المجتمع من الدهون المشبعة، قَلّت احتمالية الوفاة، وكلما قلّ استهلاك الشعوب للدهون المشبعة، زادت احتمالية الوفاه، وهي عكس النظرية السابقة التي ظهرت عام 1955م.
كما أجريت دراسة أخرى في الاتحاد الأوروبي، أظهرت بها علاقة استهلاك الزيوت النباتية غير المشبعة، مع أمراض القلب والجلطات وتصلب الشرايين، حيث أظهرت نتائج الدراسات بأنه كلما ارتفع استهلاك الزيوت النباتية، زادت احتمالية الإصابة بالجلطات القلبية.
لكن هنا يأتي السؤال: هل فعلاً الكوليسترول مضر ؟
إذا كان الكوليسترول مضراً بالجسم، فلماذا يقوم الجسم بتصنيع كمية من الكوليسترول تتراوح ما بين (2000-3000)ملغم يومياً؟ كما أن كمية الكُوليسترول الذي نحصل عليه من الغذاء ليس لها تأثير على كمية الكوليسترول الموجودة في الدم نظراً لانخفاض امتصاص الكوليسترول القادم من الغذاء في الامعاء و الذي لا يتعدى 20% من المتناول.
لأهمية الكُوليسترول يرتفع عند المرأة في بداية مرحلة الحمل، و يبدأ بالتزايد ليصل إلى 50% تقريباً، و ذلك للمساعدة على تكوين و بناء خلايا الدماغ للجنين، و رغم زيادة الكوليسترول لدى الأم الحامل عند خضوعها للفحوصات ، إلا أنه لا يوجد أي دليل علمي أو إثبات يدل على أن زيادة الكوليسترول لديها في فترة الحمل يشكل خطورة على أصابتها بتصلب الشرايين.
أما بخصوص تناول العلاج لخفض الكوليسترول، فهبوط تركيز الكوليسترول يتنبأ بقصر حياة الأنسان و يزيد فرصة إصابة الإنسان بالأمراض المختلفة.
فلو كان ارتفاع الكوليسترول مضراً، لكان من المفروض زيادة معدل الحياة بتخفيضه، لكن الأدلة العلمية تثبت عكس ذلك، فالكوليسترول مهم للصحة فهو:
- يقوم بالحفاظ على صلابة واستقرار جدران الخلايا
- هو عامل أساسي في تصنيع النواقل العصبية
- عامل أساسي لانتاج الأنزيمات و الهرمونات
- أساسي لتصنيع فيتامين د
- تصنيع الأنزيمات الهضمية مثل صفراء المرارة
إذن..ما هي حقيقة الكوليسترول؟
نجد أن الكوليسترول له فوائد عديدة في جسم الإنسان، بالأضافة الى أن تركيز الكوليسترول يزداد في الدم مع تقدم العمر، و ذلك حسب حاجة الجسم إلى البناء ثم الإصلاح. بالرغم من كل هذه الفوائد لا تزال الجدلية التي تصف ارتفاع الكوليسترول يأنه مميت رغم أن جميع الأبحاث الحديثة تثبت عكس ذلك.