يعد الصيام الطويل و الممتد من 48 ساعة إلى 72 ساعة من أنواع الصيام المتقطع و العلاجي. حيث انتشر استخدام هذا النوع من الصيام مؤخرا بين ممارسي الحميات قليلة النشويات و حمية الكيتو.
تعود هذه الشعبية للصيام المتقطع عموما و الصيام الطويل خصوصا إلى فوائده الضخمة على الصحة. حيث يؤدي الصيام إلى تقليل مقاومة الانسولين و يساعد في تخفيض الالتهابات و زيادة إصلاح الخلايا و تأخير الشيخوخة.
عند قيامك بالصيام الطويل تحدث الكثير من التغيرات في الجسم ابتداءً من الامعاء التي تبدء بتنظيف ما فيها من فضلات. بالإضافة إلى ارتفاع هرمون النمو و ما يتبعه من أصلاح لكل خلايا جسمك. كما يؤدي دخولك في الحالة الكيتونية إلى تحفيز بناء و شفاء النهايات العصبية و الأعصاب.
لذلك في حلقتنا لليوم سنقوم بالحديث عن ماذا يحدث في الجسم عند الصيام الطويل لمدة 72 ساعة.
ال12 ساعة الأولى : مرحلة الاحماء
خلال الساعات الاربعة الاولى لن يتغير شيء نظرا لتناولك للوجبات المعتادة كل 4 الى 8 ساعات. يتم استهلاك سكر الجلوكوز الذي تم تناوله خلال الاربعة ساعات الاولى. لكن منذ بداية الساعة الثالثة يبدأ الكبد باستهلاك الجلايكوجين لإنتاج سكر الجلوكوز و الذي يستمر ليصل إلى ذروته عند الساعة الثامنة من الصيام.
عند الساعة السادسة من الصيام يبدأ الكبد بتصنيع السكر من البروتين الموجود في الجسم بعملية تسمى Gluconeogensis . يقوم الكبد بزيادة تدريجية للقدرته على تصنيع السكر من البروتينات و الأحماض الدهنية. إذ تستمر هذه الزيادة إلى نهاية اليوم الثاني من الصيام الطويل.
عند الساعة 12 من الصيام يبدأ هرمون النمو بالارتفاع نظرا لهبوط قراءات السكر بشكل ملحوظ و بالتالي هبوط الانسولين. يعد هرمون النمو هو هرمون الشباب الذي يحارب الشيخوخة. كما يقوم بتحفيز عملية شفاء خلايا و أنسجة الجسم بالإضافة إلى دوره الأساسي على تكسير خلايا الدهون لحرقها. بالإضافة إلى أن هرمون النمو هو أهم هرمون لعملية تصنيع البروتينات و بناء العضلات و الحفاظ عليها.
كما يؤدي ارتفاع هرمون النمو الذي بدأ منذ الساعة الحادية عشر إلى تحفيز خلايا الدهون بتفريغ محتواها من الدهون الثلاثية و إنتاج الاحماض الدهنية الضرورية لانتاج الطاقة في معظم خلايا الجسم.
الالتهام الذاتي للخلايا مع الساعة 18 من الصيام الطويب
مع دخولك إلى الساعة 16 إلى 18 عشر من الصيام الطويل يبدأ الجسم بعملية تنظيف شاملة تسمى عملية الالتهام الذاتي للخلايا أو الاوتوفاجي. من خلال هذه العملية تقوم العصارة الهاضمة داخل الخلايا بقتل جزيئا الميتوكوندريا التالفة و تصنيع الجديد منها. كما تقوم الخلايا المريضة بعملية الانتحار الخلوي المبرمج.
كما يقوم الجسم بالتخلص من البروتينات التالفة مثل AGEs وهي بروتينات مغطاى بالسكر. بالاضافة إلى قيام خلايا الدماغ بالتقلص لتفسح المجال لإخراج الاميلويد السام منها و المتراكم مع قيام الدماغ بمهامه المختلفة.
التخلص من مخزون الكبد من الجلايكوجين عند الساعة 24
تتميز الساعة الرابعة و العشرين من بدأ الصيام الطويل كونها هي الفترة التي ينفذ فيها مخزون الكبد من الجلايكوجين. بالإضافة إلى زيادة اعتماد الكبد على البروتين لإنتاج السكر حيث يصل إلى 70% من أقصى قيمة لإنتاج السكر و التي سيصل لها خلال ال24 ساعة القادمة و تحديدا عند ال48 ساعة.
كما أن تركيز الاحماض الدهنية في الدم يصل إلى 70% من تركيزه الأقصى الامر الذي يبشر ببدأ تحول الجسم لإستهلاك الأجسام الكيتونية. إذ يتم انتاج الأجسام الكيتونية من خلال حرق الأحماض الدهنية في الكبد.
طبعا هذه بشرى لمن يعاني من الكبد الدهني فهذه اللحظة التي يبدأ الكبد للتخلص من الدهون المتراكمة به.
القوة و صفاء الذهن والعلاج بعد 36ساعة من الصيام الطويل
عند الاستيقاظ من النوم صباح اليوم الثاني تكون قد أكملت الساعة ال36 من الصيام الطويل. حينها ستميّز دخولك في الحالة الكيتونية من خلال النشاط الغريب و فقدانك للرغبة في تناول الطعام، كمل لو أنك تناولت وجبة عشاء مشبع باللأمس.
دخولك في الحالة الكيتونية يعني الكثير، فهي حالة مدرة للبول مما يخفض ضغط الدم. كما تتميز الكيتونات على أنها تقلل الإلتهابات في الجسم و تدعم افراز BDNF من داخل نواة الخلية العصبية لتحفيز بناء وتجديد الخلايا العصبية.
هذه الحالة من الصيام تدعم صحة الامعاء و القولون كونها قاتلة للبكتيريا الضارة. لذلك فهي ممتازة لعلاج مرضى السيبو. انخفاض الضغط سيؤدي إلى استرخاء الاوعية الدموية و السماح لعضلة القلب بالإرتياح. بالإضافة إلى بدأ استشفاء جدران الأوعية الدموية.
الساعة الحرجة في الصيام الطويل: 48 ساعة
عند حاجز اليومين يصل قيمة ما يصنعه الكبد من الجلوجوز إلى الحد الأقصى مستغلا كل من البروتين الناتج من هدم الخلايا و العضلات التالفة. بالإضافة إلى استغلال مركب الجليسارول القادم من تفكيك الدهون الثلاثية لتصنيع السكر.
يقوم الجسم في حال الاستمرار بالصيام لما فوق ال48 ساعة بالاعتماد على الجسام الكيتونية أكثر فأكثر بالتزامن مع تخفيضه لإنتاج الجلوكوز من العضلات. و ذلك لكي يقوم الجسم بالحفاظ على الكتلة العضلية.
خلال الصيام الطويل يبدء الجسم بتصنيع الخلايا الجذعية stem cells و التي تستطيع أن تتحول إلى أي خلية لكي تدعم الشفاء. بللإضافة إلى زيادة تصنيع الميتوكوندريا الضرورية و الوحيدة القادرة على تحويل الدهون و الكيتونات إلى طاقة.
في اليوم الثاني يبدء الجسم بالدخول في حالة منخفضة من الجفاف التي تقتل البكتيريا و الفطريات خصوصا مع قيام الجسم بإفراز المواد المؤكسدة القاتلة لها مثل H2O2.
وداعا للأرق بعد الساعة 60
مع تحسن وظائف الدماغ و اعتماده بشكل كلّي تقريبا على الكيتونات لإنتاج الطاقة. تتحسن وظائف الدماغ و تزداد قدرة على تنظيف نفسه من السموم بالإضافة إلى بدء انتاج خلايا عصبية جديدة داخله. مما يسمح لك بنوم عميق كما ينام الاطفال بعد أن كنت تشعر في الأرق في اليوم الماضي بسبب نقص الطاقة في الدماغ و التوتر.
مع صباح اليوم الثالث من الصيام تفقد ارتباطك نهائيا بالطعام. بحيث تشعر وكأنك خارق للطبيعة دون إحساس بالجوع و التعب. لذلك تبدأ بالتفكير بشكل جدي لزيادة فترة الصيام لمدة أطول.
رغم أنك لم تتناول الطعام منذ ثلاثة أيام إلا أنك ذهبت إلى الحمام للإخراج و التغوّط في هذا اليوم. و هذا يعني أنك تقوم حرفيا بتنظيف أمعاءك و قولونك لأول مرة في حياتك.
على عكس المتوقع مستوى الطاقة سيكون في أعلى مستوياته رغم انخفاض قراءات السكر لقرابة ال60ملغم/دل نظرا لارتفاع تركيز الكيتونات في الجسم التي قد تصل إلى 5ملمول/ل.
قطف الثمار للصيام الطويل : الساعة 72
مع قرب نهاية ساعات الصيام الطويل يكون الجسم قد بدأ بتخفيض كمية السكر الذي ينتجه في الكبد من البروتين لكي يمنع هدر العضلات و يقلله إلى الحد الأدنى. علما بأن الجسم يصل إلى أقل نسبة لاستهلاك البروتين و العضلات في اليوم العشرين من بدأ الصيام.
كما يمكن القول أن صيامك لثلاثة أيام سيؤدي إلى خسارة 7500سعرة حرارية و التي تعادل كيلو كامل من الدهون بالإضافة إلى 3كيلو من السوائل المحتبسة سابقا في الجسم مع السكريت. و بذلك يكون مجموع ما خسرته خلال الايام الثلاث من الصيام هو 4كيلوغرامات
لمعرفة المزيد عن أهم الأطعمة لخسارة الوزن اقراء المقالة التالي
المصادر
5 Day Water Fast Results (Self Experiment)
Quantitative relationships between protein and energy metabolism: Influence of body composition