الصيام العكسي: الصيام الأسهل لخسارة الدهون

الصيام العكسي

هل تعلم أن توقيت تناول الطعام قد يكون بنفس أهمية نوعيته؟ ماذا يحدث إذا تناولت وجبة من الأرز والدجاج في التاسعة مساءً بدلًا من السادسة؟ وهل يمكن للجسم أن يحرق الدهون أثناء النوم دون رياضة أو حمية قاسية مثل الكيتو؟

إذا كنت تعاني من ثبات الوزن رغم الصيام أو تقليل السعرات، وتشعر بالإجهاد المتزايد، فربما يكون توقيت الأكل هو السبب. في هذا المقال، نستعرض حالات واقعية مثل “سليم” الذي التزم بالنظام الغذائي والصيام، لكنه خسر 300 غرام فقط، و”ريم” التي واجهت صعوبات مماثلة.

نركّز هنا على مفهوم الصيام العكسي أو ما يُعرف بـ “صيام دورة الشمس”، حيث يبدأ الصيام من غروب الشمس حتى الصباح، وتكون الوجبات في النهار. هذا النمط يتناغم مع الساعة البيولوجية للجسم وإفراز الهرمونات مثل الإنسولين والكورتيزول، مما يعزز حرق الدهون حتى أثناء النوم.

سنتحدث عن “الوقت الذهبي للأكل” و”الوقت الفضي للصيام”، وكيف يساهم تعديل بسيط في توقيت الوجبات في كسر ثبات الوزن وخسارة أول 10 كيلوجرامات دون حرمان أو تغيير في نوع الطعام.

كما نقدم خطوات عملية تناسب مختلف مستويات الالتزام، مدعومة بالأدلة العلمية، وجدولًا غذائيًا مبسطًا لتطبيق الصيام العكسي بفعالية، سواء كنت تتبع الصيام المتقطع أو حمية الكيتو.

ما الفرق بين الصيام المتقطع والصيام العكسي؟

يطرح العديد من المهتمين بالصحة والتغذية سؤالًا شائعًا: ما الفرق بين الصيام المتقطع والصيام العكسي؟ ورغم التشابه بينهما في المبدأ العام، إلا أن هناك فرقًا جوهريًا بين النمطين، يشبه الفرق بين العمل الشاق والعمل الذكي.

في الصيام المتقطع التقليدي. يتم تحديد عدد ساعات ثابتة للأكل وأخرى للصيام – مثل 8 ساعات للأكل و16 ساعة للصيام – بغض النظر عن توقيت هذه الفترات خلال اليوم. أي أن الفرد قد يختار تناول الطعام في المساء أو في وقت متأخر من الليل دون النظر إلى التوقيت البيولوجي لجسمه.

أما الصيام العكسي، فيُعد النسخة “الأذكى” من الصيام المتقطع؛ إذ يعتمد على نفس المبدأ من حيث تقنين وقت الأكل، لكنه يُراعي الساعة البيولوجية للجسم. في هذا النمط يُخصص وقت تناول الطعام لساعات النهار، ويتم التوقف عن الأكل خلال المساء والليل، ويُغلق المطبخ في وقت مبكر.

الأساس العلمي لهذا التوجه هو أن الجسم يبدأ بإفراز هرمون الميلاتونين تدريجيًا بعد غروب الشمس، مع انخفاض التعرض للضوء الأزرق الطبيعي. هذا الهرمون يُهيئ الجسم للنوم، ويؤثر على العمليات الاستقلابية، إذ تزداد مقاومة الإنسولين تدريجيًا خلال ساعات المساء.

هذا يعني أن تناول نفس الوجبة – مثلًا في الساعة 9 مساءً – قد يؤدي إلى ارتفاع في مستوى السكر في الدم بمقدار ثلاثة أضعاف مقارنة بتناولها في الساعة 6 مساءً، نتيجة لتراجع كفاءة الجسم في التعامل مع الجلوكوز ليلًا. وبالتالي، فإن هذا الارتفاع في سكر الدم يؤدي إلى زيادة إفراز الإنسولين، مما يعوق حرق الدهون ويزيد من تخزين الدهون في منطقة البطن.

لذلك، يمكن القول إن الصيام المتقطع يجيب عن سؤال: “كم عدد ساعات الأكل والصيام؟”. بينما يجيب الصيام العكسي عن السؤال الأهم: “متى تأكل ومتى تصوم؟”، وهذا الفارق في التوقيت يحمل تأثيرًا كبيرًا على النتائج الصحية.

في الأقسام التالية سنستعرض خطوات علمية وعملية لجعل صيامك العكسي ليس فقط فعالًا، بل متناسقًا مع بيولوجيا الجسم بشكل يُضاعف النتائج المرجوة.

الصيام العكسي

خطوات الصيام العكسي لخسارة 10 كيلوغرامات: الدليل العلمي المبسط

يُعتبر الصيام العكسي أحد الأساليب الغذائية الحديثة المدعومة بأدلة علمية متزايدة، خصوصًا في مجال خسارة الوزن وتحسين حساسية الإنسولين. ويقوم هذا النمط على مبدأ تنظيم توقيت تناول الطعام بحيث يتم التوقف عن الأكل بعد غروب الشمس، مع تخصيص ساعات النهار لتناول الوجبات.

الخطوة الأولى: التوقف عن الأكل بعد غروب الشمس

أولى خطوات تطبيق الصيام العكسي تعتمد على مزامنة توقيت الصيام مع الإيقاع البيولوجي للجسم. تشير الدراسات إلى أن الجسم يبدأ بإفراز هرمون الميلاتونين مباشرة بعد غروب الشمس، ما يؤدي إلى انخفاض حساسية الخلايا للإنسولين تدريجيًا. في هذا التوقيت يصبح تناول الطعام – خصوصًا الغني بالكربوهيدرات – أقل كفاءة من الناحية الاستقلابية، إذ يؤدي إلى ارتفاع أكبر في سكر الدم. وبالتالي إفراز كميات أكبر من الإنسولين، مما يعيق حرق الدهون ويزيد من تخزينها، خاصة في منطقة البطن.

لذلك، يوصى بأن يتم تناول آخر وجبة رئيسية قبل غروب الشمس بـ30 إلى 60 دقيقة، بحيث يدخل الجسم في فترة صيام ليلية متزامنة مع انخفاض الإنسولين مما يُمهّد للدخول في النوم العميق، حيث يفرز هرمون النمو، وهو أحد أهم العوامل المحفزة لحرق الدهون.

إضافة إلى ذلك يفضل خلال فترة الليل الاكتفاء بتناول مشروبات خالية من السعرات الحرارية مثل الشاي الأخضر، القرفة، الميرمية، أو النعناع، لدعم عملية الصيام دون التأثير على التوازن الهرموني.

معلومة مهمة: تناول الطعام في الليل، حتى وإن كان بكميات صغيرة، يُحفّز إفراز الإنسولين ويعيق الدخول في الحالة الكيتونية الطبيعية التي تحدث خلال النوم، مما يُفقد الجسم فرصة ثمينة لحرق الدهون.

هل الصيام العكسي مفيد لمرضى السكري؟

الإجابة باختصار: نعم، وبشكل كبير.

مرض السكري لا يتعلق فقط بارتفاع مستوى السكر في الدم، بل أيضًا بتوقيت تناول الطعام. مع ارتفاع الميلاتونين ليلًا، تنخفض حساسية الإنسولين. ما يجعل من الصعب على البنكرياس – خصوصًا عند مرضى السكري من النوع الثاني – التعامل مع الجلوكوز بفعالية.

في هذا السياق. يمكن للصيام العكسي أن يكون أداة غذائية قوية، إذ يسمح بتناول الطعام خلال فترة النهار، حين تكون حساسية الإنسولين في أعلى مستوياتها، مما يقلل من استجابات سكر الدم بعد الوجبات، ويحسن السيطرة على مستويات الجلوكوز.

كما يساعد هذا النمط الغذائي على الحد من ظاهرة “ظاهرة الصباح “، وهي الارتفاع الصباحي الطبيعي في مستوى السكر لدى مرضى السكري. عند التوقف عن تناول الطعام في وقت مبكر من المساء، تنخفض حدة هذا الارتفاع، وتتحسن قراءات سكر الصيام بشكل ملحوظ.

معلومة سريرية: العديد من مرضى السكري الذين طبقوا الصيام العكسي بشكل منتظم، لاحظوا تحسنًا في معدلات السكر الصائم، وانخفاضًا في الجوع الليلي، وارتفاعًا في الشعور بالشبع خلال النهار.

الفئات المستفيدة من الصيام العكسي

الصيام العكسي يعد نمطًا غذائيًا آمنًا وفعّالًا للفئات التالية:

  • مرضى السكري من النوع الأول أو الثاني (بإشراف طبي)
  • الأفراد الذين يعانون من مقاومة الإنسولين
  • المصابون بمتلازمة تكيس المبايض (PCOS)
  • مرضى ارتفاع ضغط الدم المرتبط بزيادة الوزن
  • الأشخاص الذين يسعون لخسارة الوزن ودهون البطن الحشوية

الخطوة الثانية: الالتزام بلوحة الوجبات الذكية وتوزيع المغذيات بطريقة متوازنة

في نظام الصيام العكسي. لا يشترط اتباع حمية غذائية صارمة أو محددة (مثل الكيتو أو اللو كارب) لتحقيق الفوائد المرجوّة. بل يمكن للفرد تناول أطعمة متنوعة تشمل الفواكه. الأرز وحتى بعض الحلويات، بشرط تنظيم توقيت الوجبات وتوزيع المغذيات بشكل ذكي.

ما المقصود بلوحة الوجبات الذكية؟

لوحة الوجبات الذكية هي مفهوم غذائي يرتكز على تخطيط النظام الغذائي اليومي بما يتناسب مع استجابات الجسم الهرمونية وسكر الدم. وليس فقط نوعية الطعام. أي أن ترتيب مكونات وجباتك خلال اليوم له تأثير بالغ الأهمية على التمثيل الغذائي، أكثر من مجرد محتوى الصحن.

وجبة الإفطار: البداية الذكية ليوم فعّال

ينبغي أن تكون وجبة الإفطار خالية من السكريات البسيطة والنشويات السريعة، التي قد ترفع سكر الدم وتزيد الشعور بالجوع لاحقًا. عوضا عن ذلك، يوصى بأن تحتوي على:

  • مصدر غني بالبروتين (مثل البيض أو البقوليات)
  • ألياف غذائية (مثل الخضروات الورقية)
  • دهون صحية (مثل الأفوكادو أو زيت الزيتون)

هذا التكوين يدعم الشعور بالشبع لفترة أطول. ويحسن من استقرار سكر الدم خلال النهار، كما يخفف من نوبات الجوع المفاجئة لاحقًا.

وجبة الغداء: توقيت النشويات الذكي

يفضّل أن يتم تأجيل تناول النشويات البسيطة. مثل الأرز أو الفواكه الحلوة، إلى وجبة الغداء، حيث يكون الجسم في أفضل حالاته من حيث تحمّل الجلوكوز واستجابة الإنسولين.

ولتعظيم الفائدة وتقليل استجابة سكر الدم، ينصح بتناول الوجبة بالترتيب التالي:

  1. البروتين (مثل الدجاج أو السمك)
  2. الخضروات (خصوصًا الورقية وغير النشوية)
  3. النشويات أو الفاكهة (في نهاية الوجبة)

معلومة علمية: أظهرت الدراسات أن تناول البروتين والخضروات قبل الكربوهيدرات يمكن أن يقلّل من ارتفاع سكر الدم بعد الوجبة بنسبة تصل إلى 70%، مقارنة بتناول الكربوهيدرات أولاً.

لماذا هذا الترتيب مهم؟

ترتيب تناول المكونات في الوجبة لا يغيّر فقط من شعورك بالشبع، بل يحدث فرقًا ملموسًا في:

  • تقليل تقلبات سكر الدم
  • تحسين حساسية الإنسولين
  • دعم فقدان الدهون
  • تقليل الرغبة في تناول السكريات في المساء

هذا يعتبر جزءًا أساسيًا من استراتيجية الصيام العكسي. لأنه لا يقتصر على توقيت الأكل فقط بل يمتد إلى طريقة تناول الطعام وتوزيع المغذيات بما ينسجم مع إيقاع الجسم البيولوجي.

الصيام العكسي

الخطوة الثالثة: النوم قبل منتصف الليل – عامل حاسم في تنظيم الوزن

من المهم أن ندرك أن النوم ليس مجرد راحة للجسم. بل هو عملية بيولوجية معقدة تؤثر بشكل مباشر على التوازن الهرموني، والاستقلاب، وحتى فاعلية برامج خسارة الوزن.

لنأخذ على سبيل المثال حالة “سليم”، الذي التزم على مدار أسبوعين بالصيام، وتنظيم وجباته، وحتى ممارسة المشي بشكل منتظم. ومع ذلك، كانت النتيجة على الميزان محبطة، إذ لم يخسر سوى 300 غرام فقط. السبب؟ تجاهله لعنصر بالغ الأهمية: النوم المبكر.

يملك الجسم ساعة بيولوجية داخلية، تنظم وظائفه الحيوية بناءً على دورة الليل والنهار. عند حلول الظلام، يبدأ هرمون الميلاتونين بالارتفاع تدريجياً، ليصل إلى ذروته في منتصف الليل. هذا الهرمون لا يساعد فقط على الدخول في النوم، بل يفتح المجال للنوم العميق الذي يحفّز إفراز هرمون النمو. وهو عنصر أساسي في ترميم الأنسجة، وتعزيز عمليات الأيض، والمساعدة في حرق الدهون.

عند السهر، يحدث اضطراب في هذا النظام الطبيعي:

  • يرتفع هرمون الكورتيزول (هرمون التوتر)، ليبقيك مستيقظًا، لكنه في الوقت ذاته يزيد من تحفيز الشهية.
  • يبدأ الكبد بإنتاج الجلوكوز من مصادر غير تقليدية مثل البروتينات العضلية (عملية تعرف بالتحلل العضلي). مما يؤدي إلى تراكم الدهون، خاصة في منطقة البطن.
  • الجسم، نتيجة هذا الخلل، يشعر بجوع شديد يدفع الشخص إلى تناول السكريات والحلويات، بدلاً من البروتينات التي يحتاجها فعليًا.

الأكثر من ذلك. أن السهر يؤدي إلى انخفاض في مستوى هرمون GLP-1، وهو الهرمون المسؤول عن الإحساس بالشبع (وهو نفسه الموجود في معظم أدوية التخسيس الحديثة)، ما يزيد من الشهية للطعام، ويقلل من قدرة الجسم على تنظيم سكر الدم. كما تضعف خلايا البنكرياس مع الوقت، مما يرفع خطر الإصابة بمقاومة الإنسولين.

لذلك، ننصح بالنوم بين الساعة 11 مساءً و12 منتصف الليل كحد أقصى. للحفاظ على الإيقاع الهرموني السليم. وتعزيز نتائج أي نظام غذائي أو رياضي تتبعه.

ولا ترتكب خطأ سليم… وسنروي قريبًا ما حدث مع “ريم”.

الخطوة الرابعة: القاعدة الذهبية 4 × 8

في هذه الخطوة، نقدم قاعدة ذهبية تتكون من أربع نصائح جوهرية، يمكن لها أن تساعدك على خسارة ما يصل إلى 8 كيلوغرامات من وزنك، بشرط واحد: أن تعمل بانسجام مع ساعتك البيولوجية.

أولًا: الخبز خارج المعادلة

عند اتباع أي حمية غذائية تهدف إلى تقليل الوزن. يجب الامتناع التام عن تناول الخبز – سواء قبل الساعة الثامنة صباحًا أو بعدها – وذلك لأن الخبز. وخاصة الأبيض يعد من أسرع الأطعمة التي ترفع سكر الدم. هذا الارتفاع المفاجئ يعيق حرق الدهون، ويسبب اضطرابات في الجهاز الهضمي مثل الانتفاخ والغازات. مما يؤدي إلى الشعور بعدم الراحة، وربما يؤثر سلبًا حتى على جودة نومك.

ثانيًا: لا للكافيين بعد غروب الشمس

تناول القهوة أو أي مشروبات تحتوي على الكافيين بعد غروب الشمس يعطل إنتاج الميلاتونين، هرمون النوم الأساسي. والنتيجة؟ نوم مضطرب، وإفراز أقل لهرمون النمو، وضعف في عملية التمثيل الغذائي، وبالتالي فشل في خسارة الوزن في ذلك اليوم.

ثالثًا: تهيئة بيئة النوم

قبل النوم بساعتين، من الضروري تخفيف الإضاءة في المنزل، والتقليل من التعرض للضوء الأزرق الصادر من الشاشات (الهاتف، التلفاز، الحاسوب). يفضل استبدال تصفّح الهاتف بقراءة كتاب مفيد يحفز إفراز الدوبامين الصحي.أو تلاوة القرآن لما له من أثر مهدئ يساعد على النوم العميق. وإن وُجد تلفاز في غرفة النوم، فمن الأفضل إزالته تمامًا لتحسين جودة النوم.

رابعًا: تجنّب التمارين عالية الشدة ليلًا

لا ينصح بممارسة التمارين الرياضية ذات الشدة العالية قبل موعد النوم بـ2 إلى 4 ساعات. فخلال هذه الفترة، يحتاج الجسم إلى الدخول في حالة من الاسترخاء، وليس رفع مستويات الأدرينالين. النشاط الزائد في هذا الوقت يربك الساعة البيولوجية، ويؤخر النوم، ويقلل من فعالية الميلاتونين.

استعد للخطوة الخامسة، والتي تبدأ مباشرة بعد صلاة المغرب…

الخطوة الخامسة: المشي بين صلاتي المغرب والعشاء دون تناول الطعام بعده

يعد المشي في الفترة الزمنية بين صلاتي المغرب والعشاء بمثابة “زر التشغيل” لرحلة خسارة الوزن وتحسين الصحة الأيضية. فعقب تناول وجبة الغداء. ترتفع هرمونات السعادة مثل الدوبامين والسيروتونين نتيجة الشعور بالشبع والإنجاز، كما يعزّز أداء الصلاة في جماعة الإحساس بالترابط الاجتماعي. مما يرفع مستويات هرمون الأوكسيتوسين المعروف بـ”هرمون المحبة” المرتبط بالدفء الاجتماعي والراحة النفسية.

إضافة المشي لمدة تتراوح بين 30 إلى 60 دقيقة خلال هذه الفترة – والتي تمتد غالبًا من 60 إلى 90 دقيقة بعد تناول الطعام – له فوائد فسيولوجية كبيرة. فعند الأشخاص الأصحاء، يقلّل هذا التوقيت من ارتفاع سكر الدم بنسبة تصل إلى 35% مقارنة بتناول نفس الوجبة دون ممارسة المشي. أما لدى المصابين بداء السكري. فإن الانخفاض قد يصل إلى 60%، لا سيما إذا بدأ المشي مباشرة بعد الأكل أو بعده بفترة وجيزة.

يعزى هذا التأثير إلى أن عضلات الجسم تبدأ بسحب الجلوكوز من الدم لاستخدامه في توليد الطاقة دون الاعتماد الكامل على هرمون الإنسولين. مما يسهم في تقليل مستويات السكر في الدم بفعالية. إلى جانب ذلك، يساعد المشي على خفض مستويات الكورتيزول (هرمون التوتر). ويحدث تعبًا جسديًا خفيفًا دون إجهاد مفرط مما يحسن جودة النوم العميق لاحقًا – وهو النوع من النوم الذي يدعم عملية حرق الدهون حتى أثناء الراحة.

لكن لتحقيق هذه الفوائد بالكامل، ينصح بعدم تناول أي طعام بعد هذا المشي وبدء ما يعرف بـ”الصيام العكسي” ليلاً، والذي يُعد من الأساليب الفعّالة لتعزيز الصحة الأيضية وتنظيم مستويات السكر والدهون في الجسم.

الصيام العكسي

هل يؤثر الصيام العكسي على الدورة الشهرية؟

نعم، يمكن أن يؤثر الصيام العكسي على الدورة الشهرية، وقد يكون تأثيره إيجابيًا إذا تم تطبيقه بطريقة مدروسة تتماشى مع التغيرات الهرمونية لدى المرأة.

على سبيل المثال، في حالة “ريم” التي اعتادت على الصيام لفترات طويلة تتراوح بين 18 إلى 20 ساعة يوميًا دون مراعاة التغيرات الهرمونية المرتبطة بدورتها الشهرية، أدى ذلك إلى اضطراب في انتظام الدورة، وثبات في الوزن، إضافة إلى أعراض سلبية أخرى مثل التعب وتساقط الشعر. يعود السبب إلى أن الجسم، في الفترة التي تسبق الحيض، يكون أكثر حساسية لنقص الطاقة والضغط الجسدي والنفسي، مما يؤثر سلبًا على التوازن الهرموني.

لذلك، من الأفضل اعتماد نهج مرن في الصيام العكسي يتوافق مع مراحل الدورة الشهرية. ينصح، بشكل عام، بالصيام لمدة 16 ساعة يوميًا (مثلاً من الساعة 7 مساءً حتى 10 أو 11 صباحًا في اليوم التالي). ولكن، في الأسبوع الذي يسبق بدء الحيض، يفضل تقليل فترة الصيام إلى حوالي 12 ساعة، من خلال تقديم وجبة الإفطار إلى الساعة 7 أو 8 صباحًا، وذلك لتوفير طاقة كافية للجسم خلال هذه المرحلة الحساسة.

هذا التعديل قد يساعد في تقليل مقاومة الإنسولين، وتحسين انتظام الدورة الشهرية، وزيادة الخصوبة.لا سيّما في حال كنتِ تعانين من متلازمة تكيّس المبايض.ومع ذلك، من المهم الحرص على حساب كمية البروتين التي يحتاجها جسمك يوميًا، وضمان الحصول عليها بشكل كافٍ.

الصيام العكسي

الخطوة السادسة: خطة تدريجية لأربعة أسابيع لتبنّي الصيام العكسي بطريقة ذكية وآمنة

تهدف هذه الخطة إلى تهيئة الجسم تدريجيًا لاعتماد نمط “الصيام العكسي”، وذلك من خلال تقليص نافذة تناول الطعام يوميًا لتتوافق مع ما يعرف بـ”الفترة الذهبية” لتناول الطعام، وهي الفترة التي يدعم فيها الإيقاع اليومي (الساعة البيولوجية) العمليات الأيضية بكفاءة أعلى، مع تقليل التأثيرات السلبية المحتملة الناتجة عن تغييرات مفاجئة في النظام الغذائي.

الأسبوع الأول:

يطبّق صيام لمدة 12 ساعة يوميًا، بحيث تُوزَّع وجبات الطعام بين الساعة 8:00 صباحًا (وجبة الإفطار) و8:00 مساءً (وجبة العشاء). يوصى خلال هذا الأسبوع بالنوم المبكر، الحفاظ على ترطيب الجسم بشرب كميات كافية من الماء، والمشي الخفيف بعد غروب الشمس، للمساعدة في تعزيز التكيّف مع الصيام.

الأسبوع الثاني:

يتم تأخير وجبة الإفطار إلى الساعة 10:00 صباحًا وتقديم وجبة العشاء إلى الساعة 6:00 مساءً، مما يوسع فترة الصيام اليومي إلى 16 ساعة. هذا النمط من الصيام يعد من الأساليب الشائعة المدروسة في مجال الصيام المتقطع وله فوائد موثقة في تحسين حساسية الإنسولين وتنظيم مستويات السكر في الدم.

الأسبوع الثالث:

تمدد فترة الصيام تدريجيًا إلى 18 ساعة، وذلك بتأخير وجبة الإفطار حتى الساعة 12:00 ظهرًا، مع الإبقاء على وجبة العشاء في الساعة 6:00 مساءً. بهذا الشكل، تصبح نافذة الطعام اليومية محصورة بين الساعة 12 ظهرًا و6 مساءً، وهي فترة تعتبر مثالية من الناحية الفسيولوجية لحرق الدهون، خصوصًا دهون منطقة البطن. إذ تُجنّب هذه النافذة الجسم فترتي الذروة لهرموني الكورتيزول (في الصباح الباكر) والميلاتونين (في الليل)، واللتين تؤثران سلبًا على تنظيم سكر الدم وحساسية الإنسولين.

للأشخاص الباحثين عن نتائج أسرع:

يمكن تقليص عدد الوجبات إلى وجبة واحدة يوميًا أو اعتماد صيام لمدة 20 ساعة، شريطة أن تظل وجبة أو وجبتي الطعام ضمن النافذة الزمنية الممتدة من 12:00 ظهرًا إلى 6:00 مساءً، وهي الفترة التي أظهرت الأبحاث أنها تدعم بشكل فعّال عمليات الأيض وحرق الدهون.

في هذه الخطة، لا يتم فرض حرمان غذائي، بل يُعاد تدريب الجسم على “متى” يتناول الطعام ومتى يصوم، بما يتماشى مع الإيقاع الحيوي الطبيعي، لتحقيق أقصى فائدة صحية بأقل قدر من التوتر الأيضي أو النفسي.

جدول عملي مقترح لتطبيق نمط الصيام العكسي المتقطع 18/6

يُعَدّ الصيام العكسي بنظام 18/6 أحد أنماط الصيام المتقطع الفعالة، حيث تُخصَّص 6 ساعات فقط لتناول الطعام، مقابل صيام 18 ساعة متواصلة يوميًا. ويساهم هذا النمط الغذائي في تحسين المؤشرات الأيضية، تنظيم سكر الدم، وتعزيز حرق الدهون، لا سيما عند اقترانه بنظام غذائي منخفض الكربوهيدرات (Low Carb).

الاستعداد لتطبيق الجدول:

ينبغي التمهيد لتطبيق الصيام العكسي من خلال اتباع نظام غذائي منخفض الكربوهيدرات بدءًا من اليوم، كما هو يُنصح المبتدئون بعدم الدخول في الصيام 18/6 مباشرة، بل التدرج من خلال تناول وجبة خفيفة صباحية غنية بالبروتين وخالية من السكر، وتأخير وجبة العشاء تدريجيًا حتى يتم التكيّف الكامل.

الصيام العكسي

النموذج الغذائي اليومي (نافذة الطعام من 12:00 ظهرًا حتى 6:00 مساءً):

وجبة الفطور – الساعة 12:00 ظهرًا

  • عجة البيض: تُحضّر من 2 إلى 4 بيضات (بحسب الوزن)، مع إضافة مكونات داعمة مثل:
    • البقدونس الطازج
    • الفلفل الأخضر
    • البصل
    • زيت الزيتون

وجبة الغداء – الساعة 6:00 مساءً (قبل المغرب):

  • طبق رئيسي:
    • مقلوبة دجاج مع أرز بسمتي:
      • صدر دجاج (مسلوق أو مشوي)
      • خضروات مشوية (زهرة – باذنجان)
      • بهارات المقلوبة
      • رشة من عصير الليمون وزيت الزيتون
  • طبق جانبي:
    • سلطة جرجير مع الطماطم
  • ملاحظات:
    • يُنصح بتقليل كمية الأرز إلى ما بين 7–12 ملاعق طعام (حسب الاحتياج)، أو استبداله بـ”أرز القرنبيط” (لمن يتبع نظام الكيتو).

التعليمات بعد وجبة العشاء:

  • أداء صلاة المغرب ثم الخروج للمشي الخفيف حتى أذان العشاء.
  • بعد الساعة 6:00 مساءً، يُمنع تناول أي أطعمة صلبة أو وجبات خفيفة حتى اليوم التالي.
  • يُسمح فقط بالمشروبات الخالية من السعرات مثل القرفة، الزنجبيل، أو شاي الأعشاب.
عجة البيض
عجة البيض
مقلوبة
سلطة

للتواصل المباشر مع خدمات عيادة سمارة للتغذية

يمكنك التواصل مباشرة مع كادر العيادة المتخصص من حول العالم. كما و الاستفادة من برامجنا الغذائية المتخصصة في علاج الامراض المزمنة المختلفة . و ذلك من خلال حجز المواعيد بواسطة موقع العيادة او خدمة الواتساب.

المصادر

Early Time-Restricted Feeding Improves Insulin Sensitivity, Blood Pressure, and Oxidative Stress Even Without Weight Loss in Men with Prediabetes

Exercise after You Eat: Hitting the Postprandial Glucose Target

scroll to top